Find Us OIn Facebook

 

عمالة الأطفال، جولات الشوارع، اليمن

تقرير: إكرام فرج

الحرب التي يعيشها اليمنيون منذ ثمان سنوات لاتقل عن قساوة الأوضاع الإقتصادية عن سابقتها من تدهور للعملة المحلية وانقطاع المرتبات وأيضاً إرتفاع تكاليف الحياة المعيشية ليجد الكثير من أطفال اليمن تاركين مقاعدهم الدراسية ملتحقين بالتجنيد وبسوق العمل والنزول للشوارع للعمل بحثاً عن الرزق ولإعالة أسرهم ومساعدتهم على تجاوز تبعات هذه الأزمات.


فأصبحت الجولات والإشارات مكتظة بهم وتجدهم منتشرين على الأرصفة وعلى جوانب الطرق ،هذه المشاهد كفيلة بأن تحكي مايعانيه أطفال اليمن من واقع مرير وحرمان من الطفولة.


تتحدث الأستاذة أميرة بازاهر ناشطة مجتمعية عن هذه الظاهرة التي تنامت وانتشرت بشكل كبير الآونة الأخيرة و ذلك بفعل الحروب و الفقر امتهن الأطفال مهنة البيع تحت أشعة الشمس الحارقة و عند الجولات المخصصة لعبور و سير السيارات ، البعض منهم يبع الماء و البعض يبع المناديل الورقية ،بمقابل حصولهم على المال و توفير الإحتياجات لهم و لأسرهم .


يخرج الطفل مروان محمد البالغ (13عاماً) من نازحي مدينة تعز ،متنقلاً في جولات مدينة المكلا صباح كل يوم وذلك لبيع المناديل الورقية ويأخذ مايجنيه لعائلته التي يعيلها كلياً في تعز ، في ذات الوقت الذي يتمنى الرجوع إلى مدرسته وإكماله تعليمه بعد أن تسببت الحرب بحرمانه كغيره من الأطفال من أبسط حقوقهم.

مصدر دخل

تكتظ الجولات والشوارع في معظم المدن اليمنية بالأطفال الذين يعملون على تأمين قوت يومهم الضروري ولإعالة أسرهم التي ازداد حالهم سوءاً بسبب النزاعات والصراعات.


ويقول مروان نزحت وأنا بعمر الثانية عشر متنقلاً من تعز إلى عدن ومن ثم للمكلا ،وعلى الرغم من أنزل للشارع في وقت مبكر إلى مساء كل يوم إلا إنه من بعض الأحيان لا أستطيع أن أجني مايسد جوع وحاجة يوم واحد وذلك مع الغلاء المستشري في المواد الغذائية.


ويضيف إنه لم نعيش طفولة كغيرنا من أطفال العالم بل باغثت الحرب طفولتنا وجعلتنا مشردين في وطننا نبحث عن مصدر دخلنا قبل السن الذي من المفترض أن ننزل فيه للعمل.


كما يقول عن فترة إجتياح كوفيد 19واصفاً إياها بأنها من أسوأ الفترات إذ انقطعنا عن ممارسة عملنا والذي نسترزق منه في ظل غياب الدعم والاهتمام وخصوصاً لمن يعانون من غياب وفقدان المعيل الأساسي للأسرة .


وجعلتهم يشعرون بالعجز أمام أسرهم لعدم قدرتهم بالخروج وتأديه عملهم الذي يعتبر مصدر دخل يومي وغير مدعوم من جهات أو غيره ،ليأتون بما يسد احتياجاتهم.


وتتحدث أميرة بازاهر الناشطة المجتمعية عن الدوافع التي تدفع بهؤلاء الأطفال للعمل و تحت هذه الظروف أهمها :الفقر والحروب الأهليّة والعشوائيات و التفكك الأسري وجعلها مهنة وعدم إدراك الأهالي والأطفال أنفسهم لخطورة تشغيل الأطفال في سن مبكرة على مستقبلهم وتعارضه مع مصلحتهم.


حيث أرجعت أن عمالة الأطفال متأصّلة بعمق في عادات وتقاليد تلك المنطقة، الهجرة الحضريّة ،اضطرار بعض الأطفال الذين لم يجدون من ينفق عليهم مثل موت الوالدين و الأجداد ، يعملون لكي يوفرون احتياجاتهم ،وعدم وعي الأهل و الطفل بأهم المخاطر التي ستلحق به ، أثناء ممارسة هذه المهنة.


طفولة مسلوبة


أطفال في مقتبل العمر يواجهون ظروفاً شاقة أجبرتهم على مواجهة لفحات الشمس الحارقة ولسعات البرد القارس ليبقى همهم أن يبيعوا مايملكونه من المناديل الورقية أو قناني الماء ويخرجون في آخر يومهم بمردود يسد حاجة وعوز أسرهم في بيئة تضيق بالطفولة.


وتؤكد بازاهر أن في كل الحروب تكون فئة أكثر تضرراً إلا وهم الأطفال والتي تجعلهم يعانون من ويلات الحرب في سن مبكر ويتجرعون مرارتهاأطفال في مقتبل العمر يواجهون ظروفًا شاقة ومآلات مجهولة.


 وبحسب إحصائيات لمنظمة سياج “إن عمالة الأطفال في اليمن ازدادت بشكل كبير، وغير مسبوق خلال سنوات الحرب الأخيرة، حيث تقدر “سياج” بأن أعداد الأطفال المنخرطين في أعمال شاقة، كالتجنيد والمشاركة في القتال، قد تضاعفت إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل سنة 2014، إذ أدى الانهيار شبه الكامل للعملية التعليمية وتدمير كثير من المداس، إضافةً إلى حالة الفقر التي زادت إلى أكثر من 75% وفق تقديرات الأمم المتحدة، مقارنة بـ47% سنة 2014، علاوة على موجات النزوح التي بلغت أربعة ملايين نازح غالبيتهم أو قرابة 70% منهم من الأطفال والنساء، وغياب آليات حماية الأطفال وعدم وجود مؤسسات تقدم الحماية والرعاية لهم- إلى توسع الظاهرة بشكل كبير.


ووفق تقارير محلية ودولية فإن الحرب والتدهور الاقتصادي زاد من توسع دائرة الفقر في عموم اليمن ،الأمر الذي دفع بالكثير من الأسر إلى إخراج أطفالها إلى الشارع لإعانتها.


حيث طالب الشارع اليوم الدولة والسلطات المحلية والمنظمات الدولية المعنية للألتفات إلى واقع الطفولة المأساوي والتحرك بجدية لتغيير الواقع في بذل جهود معالجة الظاهرة وصون كرامة الطفل في اليمن.


بدورها، تشير منظمة العمل الدولية إلى أنّ 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومون من أبسط حقوقهم، وأنّ نحو 34.3% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عامًا يعملون باليمن، مع توسع الظاهرة خلال فترة الحرب بنسب قد تتجاوز أربعة أضعاف عما كانت عليه قبل الحرب.


"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".

Post a Comment

أحدث أقدم

أخبار محلية

Recents